مراد المصري (دبي)
لطالما مثل المدافعون «الحلقة الأضعف» في كرة القدم عموماً، ودوري الخليج العربي لكرة القدم على وجه التحديد، فهم من يتحمل المسؤولية عند ارتكاب أي «هفوة» ولو بسيطة يسجل منها المنافس هدفاً، وينسى الجميع تدخلاته ولا يدرك المتابعون دوره وهمه الكبير ما بين مراقبة المهاجمين والتنسيق لضبط مصيدة التسلل، وغيرها من الواجبات التي تذهب أدراج الرياح، حينما تهتز الشباك، لتكون النتيجة الطبيعية قيام الأندية بوضعهم في آخر قائمة الخيارات، لتعزيز الأجانب الأساسيين الأربعة، وفي أغلب الأحوال ما يتم استبدالهم بعدد أكبر في فترة الانتقالات الشتوية، وبالتالي يصبح المدافع دائما بمثابة «كبش الفداء».
ومر على دورينا أسماء عديدة في الدفاع، منها عالمية مثل الإيطالي فابيو كانافارو، وعربية وتحديداً العراقي أحمد إبراهيم الذي دافع عن ألوان 4 أندية مختلفة، إلا أنها بقيت دائماً محدودة مع التركيز على جلب المهاجمين الأجانب في المقام الأول، ولاعبي الوسط ثانياً، ويأتي الخيار الأخير على الدفاع.
وربما اختلف الوضع تدريجياً هذا الموسم في زيادة ملحوظة بتواجد 8 مدافعين ضمن قائمة الأجانب الأربعة الأساسيين، وهو ما جاء نتيجة فتح الباب، في بند اللاعب المقيم الذي جعل الأندية تقوم بعدد أكبر من تعاقدات اللاعبين الأجانب، ليتم التفكير بمسألة المدافع الأجنبي، ووضعه ضمن الحسابات، إلى جانب ارتفاع التفكير في الجانب الفني والانضباط التكتيكي الذي يبدأ ببناء الهجمة من الخلف ومواجهة المهاجمين الأجانب في الأندية الأخرى، والتي تتطلب دفاعاً قوياً، بقيادة لاعب صاحب خبرة ومهارة مطلوبة لهذه المهمة.
وأرجع منذر علي المدافع السابق للمنتخب والوصل، انحصار الأسماء التي تتم الاستعانة بها في الدفاع، إلى غياب أصحاب التخصص الفني، في أغلب الأوقات التي يتم فيها انتقاء الأجانب، وقال: التفكير دائماً بالهجوم شيء خاطئ، لكن عندما يقوم بانتقاء اللاعبين شخص غير فني، ويتم الحكم على اللاعبين بحسب الأسماء وموقعهم، من دون النظر إلى حاجة الفريق في المقام الأول، فإن النتيجة كما نراها من غزارة أهداف في شباك الأندية ذات الدفاع الضعيف، ووجود مهاجمين أجانب لدى أغلب الفرق يتطلب مدافعا أجنبيا على مستوى مؤهل للتعامل مع مجريات المباراة.
وأضاف: نملك عدداً جيداً من المدافعين المحليين، لكنهم محدودون، وأغلبهم من اللاعبين الدوليين، فيما البقية مستوياتهم ليست مرتفعة، وبالتالي يحتاجون إلى مساندة مدافع أجنبي في أغلب الأحيان.
ورفض منذر علي توجيه اللوم إلى المدربين بشكل كامل في عملية اختيار الأجانب، وقال: عندما يتم عرض لاعبين في الهجوم والوسط على المدرب، بغض النظر عن مستواها، سواء مرتفع للغاية أو متوسط، في النهاية يضطر للموافقة على الخيارات المطروحة من إدارة النادي، والموافقة على لاعبين في المقدمة، ويتوافق مع الإدارة على عدم جلب مدافع أجنبي، فيما يوجد مدربون قادرون على فرض خياراتهم، وفق وجهة نظرهم الفنية التي يجب أن تكون مهمة للغاية، في ضوء معرفة المدرب بقدرات لاعبيه والنقص الحاصل في صفوفه.
وأعترف منذر علي بأن مهام لاعبي الدفاع أكثر مما يعرفه الجمهور، ولا توجد مراعاة دائماً، في حال الوقوع في خطأ، فيما المهاجم يهدر فرصاً عدة سانحة للتسجيل، ثم يحرز هدفاً، يكون بمثابة «صك البراءة» لدى الجماهير، وتحمله على الأكتاف احتفالاً!
من جانبه، أشار البرتغالي مانويل كاجودا، المدرب صاحب المسيرة الحافلة في ملاعب الكرة، وتحديداً دورينا، أن التفكير العام في دوري الخليج العربي، على أهمية ضم لاعبين في المقدمة، بوصفهم قادرين على صنع الفارق، والابتكار من خلال المهارات، لكسب رضا الجماهير، بغض النظر عن جانب الدفاع الذي ترى بعض الإدارات، إنه يمكن سده عن طريق اللاعبين المتوفرين محلياً، وقال: الأغلب هنا يبحث عن لاعبين مميزين، وقادرين على تجاوز دفاع المنافس، والقيام بألعاب هجومية تنال رضا الجمهور، من دون تطرق بالطبع إلى احتياجات الفريق الفنية بصورة صحيحة، فيما لا توجد معرفة تامة بدور لاعبي الدفاع، ويتم تجاوزها من أجل استقدام أفضل اللاعبين في الهجوم.
وأضاف: لا يمكن توجيه اللوم على المنظومة بالكامل من إدارة ومدربين، ولكن عدد اللاعبين الأجانب لعب دوراً مهماً في هذه المسألة في السابق، واختيار 4 لاعبين أجانب يتطلب منك السعي لاستقطاب الأفضل في مراكز تعاني «الشح»، ومن الصعب أن تتعاقد مع لاعب محلي في الهجوم، لذلك يكون التوجه إلى الأجانب في هذه الناحية، فلا يتبقى مكان للاعب أجنبي مدافع.
وأكد كاجودا أن الوضع يختلف حالياً، حيث نرى عدداً أكبر من المدافعين الأجانب، في دوري الخليج العربي، لكن بطبيعة الحال، فإن المهاجمين الأجانب يبقى عددهم أكبر دائماً، لأنها طبيعة كرة القدم حول العالم، مع سعي كل الأندية حالياً لإرضاء الجماهير في سوق الانتقالات.
وختم كاجودا حديثه، بوصف التعاقدات مع لاعبين أجانب في فئة المقيمين، ممن يجيدون اللعب في مراكز الدفاع بخطوة إيجابية، من أجل تعزيز هذا الجانب، والاستفادة من المواهب الصاعدة القادرة، على إثراء الكرة الإماراتية على المدى البعيد، نظراً لعدم وجود هذا العدد من المدافعين الأجانب دفعة واحدة في الموسم نفسه.
نجم محمد: محدودية القائمة قلصت التعاقدات
يرى نجم محمد وكيل أعمال اللاعبين، أن محدودية عدد الأجانب، في قائمة أندية دورينا لعب دوراً أساسياً في تقليص عددهم، وجعل التعاقدات محدودة، وقال: على الصعيد الشخصي أفتخر بتمثيل أحمد إبراهيم الذي لعب مع أكثر من نادٍ، وقدم أداءً قوياً، إلا أن التواصل في أغلب الأوقات مع الأندية يكشف بحثها عن مهاجمين ولاعبي الوسط، فيما يعتبر المدافع غير مرغوب بكثرة هنا، مع سعي الأندية لضم أفضل 4 لاعبين أجانب في المقدمة.
وأشار نجم محمد إلى أن المدافعين ينالون الكثير من الانتقادات، خصوصاً لو كان أجنبياً، في حال وقع في «هفوة»، وقال: يتم تسليط الضوء على خطأ المدافع، وربما يتسبب الأمر بالتخلي عن خدماته، في حال استقبل الفريق هدفاً بسببه، فيما لا تتم محاسبة المهاجمين بالطريقة نفسها، هناك تفاوت في الحكم على الجوانب الفنية عندما يتعلق الأمر بالمدافعين، وهم كأشخاص يتحملون الكثير من الصعوبات والضغوط.
وتوقع نجم محمد أن تستمر الزيادة في عدد المدافعين الأجانب، في حال فتح باب المجال أمام اللاعب المقيم بالوضع الحالي، على أن يبقى سوق الانتقالات، بمثابة عرض وطلب بحسب النقص المحلي من المواهب في موقع معين من الملعب تحتاج له الأندية، وقال: الخيارات متوافرة لجلب لاعبين أجانب، وشاهدنا أن هناك عناصر مميزة من الدول العربية والآسيوية في هذا المركز قدمت مستويات قوية في المواسم الماضية، لكن يجب الاستمرارية في هذا الجانب، وإدراك الإضافة التي يقدمها المدافع في أرضية الملعب من أصحاب الاختصاص الفني.
5 تعليمات
المدافع في عالم «الساحرة المستديرة» يحتفظ في عقله بـ 5 تعليمات مهمة، تبقى دائماً في ذهنه، ويحاول التمسك بها، من أجل تقديم أفضل أداء ممكن، وهي:
1- توقع حركة الكرة ومحاولة الحصول عليها قبل المنافس.
2- عدم منح المهاجم الفرصة لمواجهة المرمى من خلال الضغط المستمر.
3- تأمين الأطراف بمساعدة لاعبي الوسط في أسرع وقت ممكن.
4- الإبقاء على مسافة مع مهاجم المنافس عند تنفيذ فريقك ركنية.
5- عدم الانشغال بمتابعة الكرة والانتباه لموقع المهاجمين طوال الوقت.